لا تتحدد مساوئ الإقليم العربي في إطار سياسو-اقتصادي وحسب، بل تتجاوزه بشدة إلى المضمار الثقافي، فعلاوة على الانحطاط الفني، هنالك فساد إداري وتجاوزات غير أخلاقية مهنيًا، لا تأتي فقط من المسؤولين الكبار بل حتى من الصغار منهم. على غرار المحسوبية والتفضيل الجنسي والميول الأيديولوجية والاحتقار البنيوي. تجاوزاتٌ تستدعي مراجعةً مفصّلة لمفهوم المثقف وصانع وموزع الثقافة في عالمنا العرب-أمازيغي الذي لا يصنع القيمة ولا يقترض من العالم الأول إلّا قيمه المحرّفة.
وإن أردنا تمثيل هذا الزمكان الثقافي بكلام واقعي فأحدثُ ما يمكن طرحه هو الظاهرة اللاأخلاقية التي صنعتها مكتبة ضخمة ومعروفة في ولاية مستغانم بالجزائر صبيحة اليوم. والتي وضعت على صفحتها الفايسبوكية يوم 24 ديسمبر فرصةً للفوز برواية "زوربا اليوناني". ولم تشترط إلا شرطين تم التقيد بهما من طرف 3 مشاركين إلّا أنّ أسماءهم لم تظهر في السحب. بينما 50 بالمئة من الأسماء التي ظهرت فيه لم تستوفي الإلتزامين الإثنين. وحساب أنثوي وضعه القائم بالصفحة دونما أتممت صاحبته أي شرط على الإطلاق.
وهذا ليس إلّا طَبَقًا يفتح الشهية لتناول الفساد الأعظم الذي يكمن في السحب غير العشوائي الذي تمّ تكراره 11 مرة من أجل الوقوع في الأنثى التي كان فوزها مخططا مسبقا في ذهنية متعفنة لدرجة عالية لا تشفع لها القراءات الفلسفية والفكرية بل تبكي على حالها الذي يخالف الحكمة العظيمة التي تُرشد لها. ويذكر أن هذه الأنثى لم تشارك من الأساس في منشور المسابقة، أي لم تحقق أيّ شرط من الشرطين. هذه ليست تصفية حسابات، لكن هذه المكتبة هي مكتبة "ياسمين الغرب" الواقعة بشارع خميستي. وهذه يا معشر أشباه المثقفين وأشباه الإنسانيين، هي تصفية الطفيليات التي تحطّم قطاعا هاما مثل الثقافة. وكأنّ هذا المسؤول بالمكتبة يتمرّن للظفر بمنصبٍ في السياسة. أو كأنه يحاول مغازلة أصدقاءه.
ومن هو الرقيب الذي يردع مثل هذه السلوكيات التي تنتج عن فساد مجتمعي كبير وتمهّد لفساد أعظم؟ وهل مكتبة رأس مالها كبير مثل هذه، كانت لتتضرر لو لم تقم بهذه الحيلة ولم تتفنن في كتابة سيناريو هذه الشفافية الزائفة وهذه النسخة المعدّلة لرواية "سارقة الكتب"؟
أوليست مرفوضة هذه التعاملات الخداعية؟ فلماذا نقف صامتين؟ أو بالأحرى لماذا لا نمارس الرقابة على من يتجرأ ويدنّس الميادين الثقافية؟
Comments