top of page

الإعلام الفرنسي والإعلام الجزائري: تضاربات عكسية في نقل الأخبار والأحداث الداخلية الواقعة في البلدين

  • Photo du rédacteur: مدونات آفاق
    مدونات آفاق
  • 27 mars 2019
  • 3 min de lecture

Dernière mise à jour : 1 avr. 2019



بقلم: لكحل مراد


تناولت الصحف الجزائرية في الشهرين الأخيرين قضية الحراك الفرنسي المتمثل في الأحداث التي قادها أصحاب السترات الصفراء، حيث كانت الصحف الجزائرية تعج يوميا بالعناوين الخاصة بأحداث الحراك الفرنسي، أو الربيع الغربي، كما وصفته بعض الصحف الجزائرية،

فالعديد من الصحف الناطقة باللغة العربية أعطت أهمية كبيرة لما يحدث في العاصمة الفرنسية من أحداث، وذلك منذ اليوم الأول للحراك الشعبي في باريس.

فعنونت في أغلب صفحاتها الأولى حول الاحتجاجات الفرنسية، ووصفتها بالأحداث الغريبة عن فرنسا وتحسرت عليها في أحيان أخرى..

فصحيفة الخبر الجزائرية عنونت مقالا لها بـ : "سبت أسود في فرنسا؛ 125 ألف من السترات الصفراء بصوت واحد "ماكرون...استقالة" وهذا ما أشارت إليه كذلك صحيفة البلاد بعنوانها"أصحاب السترات الصفراء يصعِّدون؛"ماكرون ارحل"

أما جريدة الشروق الجزائرية فتكلمت عن الجالية الجزائرية في فرنسا بتأكيدها بالبند الغليظ:

"طوارئ ورعب وسط الجزائريين بفرنسا"، مشيرة إلى دعوات لتأجيل الزيارات بين الجزائر وفرنسا إلا في حالات الضرورة القصوى، كما أشارت إلى الاحتجاجات والأحداث القائمة بتأكيدها عبر كلام رئيس اللجنة الجزائرية الفرنسية للعمل والدراسات:

أسباب الربيع الفرنسي هي إصلاحات الحكومة التي جاءت تعسفية""

أما الصحف الفرنسية، والإعلام الفرنسي ككل، فلم يعطي لأحداث باريس أي اهتمام، بدليل؛ لا تجد في الصحف الفرنسية اليومية أخبارا عن الاحتجاجات ولا حتى في القنوات، على عكس الصحف الجزائرية وحتى العالمية التي اهتمت وأعطت للوضع الفرنسي الحالي أهمية بالغة، نظرا للقيمة التي تحملها هذه الأحداث على الوضع الاقتصادي والسياسي للإتحاد الأوروبي، ودول حوض البحر المتوسط، والجاليات المتواجدة في باريس، منها الجزائرية، والتي تعد سببا واضحا لاهتمام الجرائد الجزائرية بالأحداث والاحتجاجات الفرنسية في الوقت الراهن.

أما ما يتناوله الإعلام الفرنسي هو ذكر لأحوال السياسة الفرنسية الخارجية فحسب، ولا يلقي بالا للأحوال الاجتماعية الداخلية التي تسببت في ظهور هذا الحراك الشعبي في فرنسا، فالصحف الفرنسية إن قورنت بالأحداث الجزائرية الداخلية فهي دائما تلعب دور الملم والمهتم بكل الأخبار والأحوال في الجزائر، وذلك للسخرية من الجزائر واللّعب على أوتار الجزائريين، ووصف الوضع الاجتماعي في الجزائر بالمزري وغير السوي، وهذا ما لوحظ في العديد من الصحف الفرنسية مند القدم، وهي تعد من اكثر ناشري الأخبار الزائفة وغير الصحيحة عن الجزائر، وهذا ما حصل في سنة 2014 حين احتفل الجزائريون في ساحات باريس بتأهل المنتخب الوطني للدور ثمن النهائي من نهائيات كأس العالم، حيث ذكرت العديد من الصحف الفرنسية كلام مارين لوبان بقولها: "هذه باريس وليست الجزائر"، لتحرف بعد ذلك الصحف الفرنسية قولها وتزيفه للسخرية من الجالية الجزائرية، والجزائر كلها، بالإشارة إلى منع خروج الجزائريين للإحتفال في الشوارع، ومنع بث مباريات المنتخب الجزائري على شاشات عملاقة، وأيضا منع كل مظاهر الإحتفال، وذهب البعض إلى أبعد من ذلك، حيث طالبوا بإلغاء الجنسية المزدوجة للمهاجرين، وتخييرهمبين الجنسية الفرنسية أو جنسياتهم الأصلية.

وهذا الأمر حدث أيضا قبل ساعات من زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، حيث هاجمت قناة "ألسيي" الفرنسية الجزائر مدعية أن الوضع فيها بات لا يحتمل من خلال انتشار الفساد وارتفاع نسبة البطالة، ورصد تقرير للقناة، ما زُعم أنه مؤشرات لانهيار الوضع الاجتماعي، هذه الخطوة لها دلالتها الرمزية التي يمكن قراءتها على مستويات عدة، من بينها البعد السياسي، حيث دأبت وسائل الإعلام الفرنسية على شنّ حملات مركزة على الجزائر، تزامنا مع كل حدث سياسي كبير له أهميته سواء داخليا أو خارجيا.

وأيضا لم تهضم الصحافة الفرنسية الحراك والهبّة الشعبية الأخيرة في الجزائر التي طغت عليها صفة المسيرات السلمية والتعبير عن مطالب الشعب الجزائري بطرق حضارية وراقية تدل على وعي الجزائريين،الذين أعطوها طابعا احتفاليا ومرروا رسائلهم للعالم أجمع،بأن الجزائر ليست مرتعا للفوضى، وشعبها ليس بالشعب الهمجي، وهذا الأمر الذي تناقله الإعلام الفرنسي بغرابة وحيرة، حيث عنونت بعض الصحف وأفادت بعض القنوات الفرنسية بأنّ الجزائر تسير نحو ربيع عربي جديد وثورة تلوح في الأفق، متناسين بذلك الجانب الحضاري للمسيرات،وبدأت في نفث حقدها في بلاطوهاتها وعبر عناوين الصحف، وتبنت الحراك الشعبي الجزائري وكأنه يخصّ فرنسا..

وهذا جاء متناقضا مع عودة الفوضى في الشوارع الفرنسية برجوع السترات الصفراء لتنفيذأعمال شغب وتخريب في جميع أنحاء فرنسا،حيث تم قمعهم من طرف الشرطة الفرنسية، ووصل الحد لنزول الجيش الفرنسي للشارع، وهذا من أجل تأميم أكثر للحواضر والأماكن والمواطنيين الفرنسيين، وهذا الأمر تم تعتيمه من طرف الإعلام الفرنسي وراح يهتم بكل ماهو جزائري، ناسيا الفوضى داخل فرنسا.

ليست هذه المرة الأولى التي تكون فيها الجزائر في مرمى نيران بعض وسائل الإعلام الفرنسية، فقد سبقتها تجارب كثيرة بدأت منذ الشرارة الأولى لانفجار الأحداث الدامية التي عرفتها الجزائر في التسعينيات، هي نفس الوسائل التي دعمت وروجت لأطروحة من يقتل من في الجزائر، و كانت تدّعي أنّ الجماعات الإرهابية تدافع عن حق سياسي سلب منها.

ليس لنا أن ننسى بالأمس القريب ما عرف بقضية "البيكيني" في الشواطئ الجزائرية،التي قالت عنها نفس المنابر أن الأمر يتعلق بانتهاك لحقوق النساء في الجزائر وأنّ من تسميهم بالظلاميين وراء محاربة الظاهرة والتصدي لها.

ويجدر بالذكر أنّ كلّ المنابر الإعلامية الفرنسية التي تهجمت على الجزائر مملوكة لمجمعات اقتصادية وإعلامية مرتبطة بشكل أو بآخر بلوبيات فرنسية لها استثمارات واسعة في العديد من الدول المجاورة للجزائر وداخل الجزائر وفرنسا، و بالتالي تبرز لنا ملامح واضحة عن خلفيات الحرب الإعلامية التي تطول على الجزائر كثيرا في الماضي ولن تتوقف مستقبلا..

Comments


من نحن ؟

مدونات آفاق، مدونة خاصة بنشر مقالات الرأي في كل المجالات، نعمل على أن تكون منصة لأصحاب الأقلام الراقية، نرحب بمشاركاتكم.

القوائم

سياسة 

رياضة

اقتصاد

فكر وفلسفة

اعلام وإتصال

أدب وفنون

دين

تاريخ

مجتمع

منوعات

مدونينا الدائمين

فيديو الأسبوع

حسام بن سكايم

حمزة فؤاد مطيبع

مراد لكحل

مدير الموقع: حسام بن سكايم

المدقق اللغوي: حمزة فؤادمطيبع

bottom of page