top of page

الحرية: خيال أم واقع؟

  • Photo du rédacteur: مدونات آفاق
    مدونات آفاق
  • 10 avr. 2019
  • 2 min de lecture

بقلم: إلياس بريان


كن حرّا يا ابن آدم ! الله سبحانه وتعالى خلقنا أحراراً، ووضع بداخل كل إنسان روحا مفعمة بالحياة، لكي يعمّر الأرض ويكون خليفته في أرضه، وقد قال عمر ابن الخطاب، عندما ضرب ابن عمر العاص قبطياً، مقولته المشهورة "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً !".. فالحرية تنبع من داخلنا، وينبغي أن تؤمنوا أنّ لا أحد في الكون له سُلطة عليكم إلا الله، وإذا شعرتم بهذا فلن يتملّككم أحد أبدا، فكونوا طليقين مهما كانت قيود المُجتمع الذي تعيشون فيه، ومهما بلغت أصفاد العمل والأسرة قوتها.

ليست الحرية حقا بل واجبا، وأن تموت جوعا وأنت حرّ خير لك من أن تعيش مملوكا وأنت غني من الشبع، ولا تنس أن الحرية لا تكتب بالكلمات بل بالتضحيات، هذا ما دوّنه التاريخ، والحرّ يمكن أن يكون سجينا بطول الدهر، ولا يمكن أن يكون عبدا بقصر دقيقة، وقد قالوا عن الحياة أنّها ثلاثة عناصر؛ الحُلم والمحبة والحرية..

الحرية تنتهي حيث يبدأ الضرر بالفرد أو المجموعة، والحرية هبة من فوق لا غنيمة من أسفل، والموت لا يخيف الحرّ أكثر مما تخيفه المذلة.

ثمن الكرامة والحرية فادح ولكنّ السكوت للذلّ أشد بئسا.

حيث تكون الحرية يكون الوطن.

الحرية تتجلى في جميع المظاهر الطبيعية من حولنا، في الإنسان، والحيوان، وحتى النباتات، والأوطان؛ فالحيوانات تسعى لحريّتها، وتنكفئ على نفسها عند سلبها هذا الحق، وحتى الطيور، يتضاخم تغريدها، وتشدو بأجمل الأصوات وهي حرة طليقة، لا أسيرة الأقفاص.

الحرية ليست منحةً، بل هي حقٌ للجميع، تُؤخذ ولا تُطلب، ولا يمكن أبداً تقسيمها أو التنازل عنها، لأن مصادرتها تعني مصادرة الحياة، والتعدي على أكبر قيمةٍ معنويةٍ في الدنيا، ولهذا نبصر كمّا هائلا من الأصوات التي طالبت ولا زالت تُطالب بها..

للحرية أشكالٌ كثيرة؛ تبدأ من حرية الكلمة، وتمرّ بممارسة الشعائر الدينية، واختيار العمل الملائم، والتعلّم، وحرية التنقل، وحرية العلاقات الإنسانية.. ويعتبر موضوعنا مقياساً لنمو المجتمعات، ودليلاً على رقيّها؛ فالمجتمع السامي والرائد، هو الذي يكفل لأفراده جميع مظاهر الحريات، دون استخدام أساليب القمع المختلفة، علماً أنّ جميع الشرائع والديانات السماوية، وخصوصاً الدين الإسلامي الحنيف، أقرّت بحريّة للأفراد، ومنعت المساس بها، أو تقييدها دون وجه حق.

إنّ تمتع الإنسان بالحرية لا يعني أنّه يستطيع الاعتداء على الآخرين-سواء معنويا أم جسديا-، فهذا يعتبر عملاً لاأخلاقياً، ولا يمكن لأيّ شخص أن يجبر أحداً على القيام بأيّ شيء، حتّى وإن قام بتهديده بالسلاح، فالكثير من الأفراد الذين تعرّضوا للتهديد ماتوا بسبب ما يؤمنون به، بدلاً من الامتثال لأوامر الآخرين، وظنّ الأشخاص بأنّههم قادرون على السيطرة وإجبار الآخرين وثنيهم عن إراداتهم، هو سبب بؤس كبير في العالم، وبالإمكان الوصول إلى التحرر المنعش إذا تخلصوا من هذه الذهنيات الرجعية.

ولا تعني الحرية انعدام المسؤولية مطلقاً، إنّما يكون العباد مسؤولين عن أنفسهم وخياراتهم، ولا يلومون الآخرين أو الظروف، وعليهم تحمل عواقب ومآلات أفعالهم، فسعادتهم ونجاحهم لا يعودان لأحدٍ غيرهم، لذلك عش حرا وتقيّد بمبادئك يا ابن آدم !


Commentaires


من نحن ؟

مدونات آفاق، مدونة خاصة بنشر مقالات الرأي في كل المجالات، نعمل على أن تكون منصة لأصحاب الأقلام الراقية، نرحب بمشاركاتكم.

القوائم

سياسة 

رياضة

اقتصاد

فكر وفلسفة

اعلام وإتصال

أدب وفنون

دين

تاريخ

مجتمع

منوعات

مدونينا الدائمين

فيديو الأسبوع

حسام بن سكايم

حمزة فؤاد مطيبع

مراد لكحل

مدير الموقع: حسام بن سكايم

المدقق اللغوي: حمزة فؤادمطيبع

bottom of page