كل فرد منّا في هذه الحياة يظنّ أنه الأفضل! يشعر بتفرده واختلافه عن الجميع، لكن المشكلة لا تكمن هنا، في الاختلاف والتفرد، بل تقع عند عدم اكتشاف الأشخاص لنقاط تفردهم عمّن هم حولهم، وأسبابه.. وأي كانت أفكارنا فهي نتيجة المؤثرات العميقة والخلفيات التي تجبرنا على تبني أفكار حصل إجماع عليها، ومن النادر أن تخطر في بالنا احتمالية تشوّه قراراتنا، نظرا لما هو متداول، لذلك أول خطوة للخروج بآراء سليمة ونزيهة هي الاعتراف بتعرضنا المسبق لكافة أنواع المؤثرات (إجتماعية وثقافية ونفسية) وأنّنا حوصلتها، والفرار من قوقعة الماضي.. حين نعترف بهذه الحقيقة، لا يصبح همّنا الدفاع عن آرائنا، بل نركز على معرفة إذ ما كنّا نخدع أنفسنا حقا بتبنّينا أفكارا شكلية..
ماهي خطتك في الحياة ؟ قبل أن تقلع الطائرة إلى أي مكان، يوضع جدول يوضّح زمكان إقلاعها، وزمكان هبوطها.. وفي هذه الحالة احتمالية وصولها تتجاوز 95% ، لكن إذا لم يتم تحديد ما سبق ذكره، هل سيقلع الطيّار بها ؟ أين يتجه ؟ وعندما يتصل بالمركز ولا يجيبه أحد، كم سيصمد في السماء قبل السقوط؟!
كذلك الإنسان.. إذا امتلك خطة سينجح ويصل -بنسبة كبيرة- لأهدافه، لكن إذا لم يعيّن خارطة طريق سيبقى محتارا، وإن أقلع سيهدر جهدا ومالا عظيمين دون الوصول لمبتغاه.. وهذا هو الفرق بين الإنسان الناجح والفاشل؛ فالشخص الفاشل هو الذي ينشغل بالمشاكل والعقبات التي تعترضه وهو في طريقه إلى تحقيق طموحاته، عكس الفرد المتألق، وبالتالي يضيّع الغاية المنشودة ! أمّا الشخصية الناجحة فلا تتأثر بهذه العوائق، فجلّ تركيزها سيكون على الهدف النهائي، وهذا ما يجعل هذه المعيقات تبدو بالنسبة لها بسيطة جدا.. ومن الخصائص المهمة التي يجب أن تتوفر في أي خطة هي وضوح الرؤية، والمرونة في تنفيذها، والتميّز والتركيز، فكلما كانت الرؤية واضحة أصبح العمل أسهل، وتضاعفت فرص النجاح، أما المرونة فهي صفة ضرورية لتخطي العقبات، أما التركيز فيعني الاهتمام بهدف واحد كبير، فنحن لا نستطيع أن ننجح في أكثر من عمل، ولو افترضنا أنّنا نجحنا لن يكون بنفس جودة وتألق هدف واحد صببنا فيه كل اهتمامنا، أما التميّز فيتمظهر في اللّمسة الفردية التي يتمحور عليها العمل، فمثلا إذا كنت تريد أن تصبح طبيبا من أجل معالجة الناس وحسب، فهذا نمطي، غير أنّك إذا كنت تهدف إلى أن تصبح طبيبا من أجل أن تكتشف ترياقا لمرض معيّن فهذا هو التفرد .
Comments